اول عطاء في البشرية //
هابيل //
أنه كان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر و يزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر حتى ولد له ابنان يقال لهما ” قابيل ” و ” هابيل ” و كان قابيل صاحب زرع و كان هابيل صاحب الضرع فلما قرب هابيل ” جذيمة سمينة ” و قرب قابيل ” حزمة سنبل ” فنزلت النار فأكلت قربان هابيل و تركت قربان قابيل ، فغضب و قال : لاقتلنك فقال هابيل { إنما يتقبل الله من المتقين } [ اسناده جيد رجاله ثقات رجال / مسلم ]
و لقد قدم هابيل صنف يمتاز بالرقة و الهدوء ، و هو صنف اجتماعي و مستأنس ، تتبع القائد و تطيع أمره و تسير خلفه ، تراعي الوقت و تعرف وقت خروجها و تستعد رقيقة المشاعر لا تحب القسوة تحب السير في المراعي و تفضل الأغنام و قت ما قبل الغروب 000
هذا الوقت تهرول فيه و تتمايل ممن الفرح في مشيتها 0
لذلك ما من نبي إلا ورعى الغنم لأن فيها شبه في سلوك البشر ، و لأن سياسة الغنم تحتاج إلى صبر و روية و تحمل المشي مسافات طويلة
إنه أول عطاء من أولاد آدم عليه السلام ,لقد تقدم هابيل وهو يكتسي حلة الخضوع و المسكنة و الاخبات إلى الله تعالى ، تقدم بعطائه وهو يعلم أنه من الله و إلى الله ، كان رمزا للعبد المطيع لله تعالى سن سُنة حسنة فله أجرها وأجرمن اتبعه إلى يوم الدين , لقد عبر هابيل العقبة بسلام و أعطى خير ما عنده ، لقد نال البر برحمة الله تعالى ، لقد نجح في الامتحان و فاز برضى الله تعالى ، و كان نموذجا حسنا يُحتذى به عبر التاريخ ..ولكنه قد يلا م على عدم دفاعه عن نفسه رغم انه
انتصر على نفسه واجتاز العقبة من على جسر التقوى فصدق بجزاء ربه عز و جل 00
و العطاء لا يقتصر فقط على العطاء المادي بل يتعدى هذا بكثير ، فهناك العطاء المعنوي و هو أشمل و أعظم في الأجر ، فالعطاء قبل أن يكون ماديا ملموسا و محسوسا يبدأ أول ما يبدأ بخاطرة أو فكرة مبنية على نية حسنة مستقاة من شرعنا الحنيف ، يريد أن يقدم خيرا لنفسه عند الله فيبدأ يرتب و يعد عدته و يختار ما سيقدمه ، و لمن سيعطي ومتى سيكون العطاء ، سرا أو جهرا ، لقد تشوقت نفسه إلى العطاء واستحضر الأجر ورأى هذا ببصيرته في الميزان يوم القيامة ، بل وجد أثره في الدنيا قبل الآخرة ثم قد يكون العطاء نظرة حانية لمسكين أو فقير أو مسح على رأس يتيم ، قد يكون دعاء للمسلمين بظهر الغيب ، قد يكون احساس بألم الآخرين ،
و قد يكون مشاركة وجدانية لفرح الآخرين و قد يكون خوفا على مصلحة بلده ، قد يكون صلحا بين المسلمين قد يكون براءة من أعداء الله والدين والوطن ، هذا أيضا عطاء ، ربما يكون محاسبة النفس ومحاولة تزكيتها عطاء بعيادة مريض و إفساح باب الأمل له في الشفاء و حسن الظن في الله تعالى 0
عطاء بحمل هم المسلمين بل و هموم الأمة ، عطاء بإعداد برامج لتوعية شباب الأمة و النهوض بهم نفسيا و صحيا و تربويا و اجتماعيا و اقتصاديا 00 قد يكون العطاء توفيق بين اثنين للزواج ، قد يكون العطاء تحفيظ كتاب الله تعالى …
و لنعلم أن أعظم عطاء يمكن أن يقدم لله تعالى هو شرف الدعوة لله تعالى 0 إنها رسالة الأنبياء ، إنها البلاغ عن الله تعالى ، و التوقيع باسمه ,قال تعالى { و من أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا و قال إنني من المسلمين } ..
قد يكون العطاء عفوا عن شخص ما ..
إلى غير ذلك من أنواع العطاء : قد يكون العطاء صمت عن قول شر
قد يكون العطاء تعليم مهنة لشباب
قد يكون العطاء حُسن تربية الأولاد ، ولد صالح يدعو له
فالعطاء بذل المعروف و عدم ظلم النفس و الآخرين و إعداد القدوات الصالحة النافعة للمجتمع
العطاء قد يكون حُسن تبعل المرأة لزوجها 00
العطاء أن يعرف كل إنسان ما عليه من واجبات و ما له من حقوق
** النموذج العالي **
و تأمل هذا النموذج العالي في العطاء ، عطاء حتى في عثرات الموت , قول النبي صلى الله عليه وسلم : ” هل صلى الناس ؟! ” يقولها لعائشة رضي الله عنها ” مُري أبا بكر يصلي بالناس ”
قوله صلى الله عليه وسلم : ” الصلاة الصلاة و ما ملكت أيمانكم “
و كان النبي صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس فقد أعطى يوم حنين الأقرع بن حابس و عيينة بن حصن أعطى كل واحد منهم مائة من الإبل
و لما جاءه أعرابي أعطاه واديا من الغنم بين جبلين فرجع إلى أصحابه و هو يقول : يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر..
** تأمل الوصية **
تأمل عطاء إبراهيم عليه السلام و أولاده ، إنها الوصية بحمل أمانة هذا الدين ، إنه يجدد العهد مع أولاده يذكرهم بعهدهم مع الله تعالى ، توحيده عز وجل قال تعالى : ” و وصى بها إبراهيم بنيه و يعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون (132) أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك و إله ءابائك إبراهيم و إسماعيل و إسحاق الها واحدا و نحن له مسلمون (133) } البقرة
يطمئن على زراعته و حرثه ، و لم لا و هم امتداد له على طريق الله تعالى ، هم من كسبه إنه العطاء الوافي الشافي الجامع 000 إنه عطاء النفوس المؤمنة نفوس مطمئنة أعطت و اتقت و صدقت فأجزل الله تعالى لهم العطاء و شكر لهم سعيهم و كانوا أئمة خير لمن بعدهم ..
** تأمل عطاء الفطرة **
تأمل عطاء الفطرة السليمة و قبل الدخول في الإسلام عطاء من سلمت نفسه من أدرانها ، و سلمت روحه فارتقت تبحث في معارج القبول ، عطاء من تنقل من بلد لآخر ، و من ملة لملة ، يبحث عن الحق ، يترك ملاعب صباه ، و ماله و أصحابه بل يترك اهله و غنى أبيه ، تحمله قدماه المحبة للحق ، تجول به و تطوف الديار و البقاع عسى أن تجد ضالتها ، يترك نار الشيطان و يظل يتلمس نور الرحمن هذا الذي سبقه قلبه ، ارتقت مشاعره فوق عقله إنه ” سلمان الفارسي ” ” سلمان منا آل البيت ” سلمان الذي اشتاق الى الله تعالى بفطرته السليمة ” سلمان ” فاشتاقت إليه الجنة أسلمت فطرته فأسلم قلبه لله رب العالمين قبل عقله ” سلمان ” من السلم و السلامة و التسليم اسلم قبل ان ياتى ديار الاسلام
** عطاء الصديق **
ثم نأتي لعطاء أبو بكر الصديق صديق الأمة رضي الله عنه ، الذي جند أسرته في خدمة دين الله تعالى جعلها وقفا لله تعالى ، سخر ماله في خدمة رسالة الحق..
كتبه/ام هشام